الاثنين، مارس 12، 2012


الكاتب : محمد خير طيفور

 د. عبد الرزاق بني هاني العضو المستقيل من هيئة مكافحة الفساد - أمين عام وزارة التخطيط الأسبق - حدد لنا مفهوم بنية الفساد من خلال محاضرة ألقاها في الندوة التي انعقدت في الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة . وقد سلط الضوء على التساؤلات الآتية :

 1- ماذا نعني بقضايا الفساد التي يتناولها الإعلام والمواطنون ؟

2 – وهل لنا أن نمسك بمؤسسة الفساد ؟ وما هي أسباب حدوثها ؟

 3 - ماذا نقصد بمفهوم المخربين الجدد ؟

 4 – هل لغياب الإرادة سببا في تفشي الفساد ؟

 5 – هل نحن نعيش في وطن له جغرافية سياسية واضحة ؟

 6- هل نحن في زمن الفساد والفهلوة بامتياز ؟ وقد أجاب المحاضر عن الأسئلة السابقة حسب وجهة نظره بما يأتي : "إن قضايا الفساد التي يتناولها الإعلام والمواطنون ليست سوى القطع الأقل أهمية في اللعبة .

 فحقيقة الفساد أعظم من مجرد قضية اختلاس هنا أو هناك بل هي لعبة كاملة وشاملة والفساد ضخم وجامح اجتاح كل زاوية في أركان الدولة والمجتمع بسبب نقص في التشريع أو أخطاء مسؤولين , وأصبح الفساد بمرور الوقت مع الإرهاب الذي يمارسه الفاسدون إفسادا ومؤسسة نعيش خلالها وفي جوفها ونحسبها إصلاحا وهي تحكم من خلالنا .

ثم تابع قوله : إذا كنا نظن اننا سنمسك بمؤسسة الفساد نكون واهمين لأن ما صنعه الفاسدون خلال عقود أخذ شكلا ماديا له أعمدة وجدران يصعب التعرف عليه إو إزالته بسهولة وسنحتاج إذا بدأنا اليوم لأكثر من عقدين إلى تحويل الحالة الفاسدة إلى اقل فسادا لأن الإعمار أصعب من التخريب والتخريب الاقتصادي الذي حدث في السنوات العشر الماضية على يد المخربين الجدد يحتاج الى 30عاما لإصلاحه إلا إذا حدثت معجزة' وأضاف قائلا : نظرت في كثير من قضايا الفساد وبحثت موضوعيا في أسباب حدوثها فوجدت أنها مجرد أعراض للمرض وأن الفساد الحقيقي يسير جنبا الى جنب مع الدولة الضعيفة التي تؤمن بالسلطة المطلقة وفيها الرعايا ضعفاء ومفكروها مصابون بالعجز وبلا إرادة وبحالة السكوت والتقوقع .

ووصف 'فئة المخربين الجدد الذين أثروا على حساب الشعب وهم ليسوا سوى مارقين أفاقين لعبوا على المجتمع والدولة بمشاريع وهمية تشبه السيرك وبهلوانهم الكبير جند عددا من أبناء البلد لإضفاء الشرعية الاجتماعية على أعمالهم وشرّعوا القوانين وفككوا ممتلكات الدولة بهدف تركيعها وفككوا المجتمع لدفعه للاستسلام لقدر مجهول ونجحوا في تكريس الجهوية وتكسير هيبة الدولة وأوصلوا البلد الى المديونية الكبيرة وعجز الموازنة ' واعتبر المحاضر أن' غياب الإرادة سببا في تفشي الفساد واستغلال الشعب' وعرض لمفارقة مفادها أن' المسؤول الفاسد في الغرب ينتحر إذا ما اكتشف فساده وعندنا طبقة تدافع دائما عن الفاسدين والإرادة الحرة للمواطن الأردني انكسرت الآن أمام الشبق الى السلطة ورياح الفساد وتم خداعنا حتى وصلنا الى حد لم نعد معه معنيون بمعرفة الحقيقة. وقد أولينا أمر التنمية الاقتصادية والسياسية الى مجموعة من الدجالين خدعونا' وأضاف' ما تم في بلادنا تزوير لإرادة الشعب وإرادة ممثليه النواب فانفردت السلطة التنفيذية في التشريع وحصل زواج محارم بين السلطة والمال والمشاريع الوهمية والتخاصية قادتها مجموعة متنفذين فاسدين وصور الفساد تداخلت عندنا بطريقة مريعة...


من نصوص دستور قاصرة تفتقر الى آليات لتحقيقها وقوانين غير صالحة لمحاربة الفساد واقتصاد متهالك نبقيه حيا بالقروض مقابل استحقاقات سياسية ورجال دولة فاسدين ومجتمع مفتت أساسه مدمر ونسيجه متهتك أضعفه الفاسدون إلى تسليع  منظم للإعلام، أي جعله سلعة تباع وتشترى، وثقافة فاسدة ومناهج فاشلة تنتج إنسانا أنانيا يقدم العشيرة على الوطن.


وتابع يقول :نحن بالمحصلة لا نعيش في وطن بل جغرافيا سياسية مشوهة ونحن وفق نظرية الضوضاء السياسية نعيش في مستنقع يتراشق من فيه بعضهم بعضاً في كل الاتجاهات وجميع الإشارات الضوئية مفتوحة والهدف من هذه الحالة هروب الفاسدين بعد أن يصفي الناس بعضهم وبعد أن وضع الفاسدون أسافين بين المواطنين حتى انتقلت العدوى الى العشيرة والجامعة وهذه ليست صدفة بل مخطط ليسود الفساد بينما يقتتل الناس على كراسي التمثيل . وعبر المحاضر عن قناعته بأن 'اختلاس المال العام يأتي في أدنى درجات قائمة الفساد والأقل خطرا في الحلقة فهذا زمن الفساد بامتياز وزمن الفهلوة وإدارتها. والفاسدون يترصدون الشرفاء ومحاربة الفساد تتم أحيانا من قبل فاسدين, وبعض من هم معنيون بمحاربة الفساد صمتوا عن ملفات من أجل الكراسي .


هكذا أجاب المحاضر عن كل التساؤلات من وجهة نظره الخاصة وأرى في أن الفساد ليس مفردة مجردة من مضمونها بل تعني الشيء الكثير والمخفي أعظم ، لأن الفساد كما أرى هو منظومة مسلحة قوية لها فروع وأصول وجيش عرمرم من الفاسدين المدافعين عنه ، كما حصل في مجلس النواب من تصويت لتبرئة المتهمين في الفساد دون محاكمة مما أبكى النائب الشقران - رئيس لجنة التحقيق النيابية في ملف الفوسفات – و 37 نائبا الذين أصروا على إحالة ملف الفوسفات للقضاء وكان الوضع مختلفا من قبل من صوتوا على التبرئة للمتهمين بالفساد دون محاكمتهم مما يعني أننا دخلنا في دائرة الشك وأصبحنا نؤمن في أن للفساد جيش عرمرم من المدافعين عنه وعلى الشعب أن لا يسكت على مايحدث في هذا البلد من مفارقات ومهازل عندما يترك الفاسد الحقيقي ويكون الغير هو الفاسد وكل ذلك بدون توجيهات التهم لهم وهم رموز الفسادالحقيقيين. حماك الله يا وطني وحمى قيادتك الحكيمة التي نطلب من الله أن يرزقه بطانة صالحه تقود الوطن إلى تجاوز محمنته .

ليست هناك تعليقات: