برزت مقاربة في السنوات السابقة ترى بأن الأردن قد لا يمتلك الشروط الموضوعية للبقاء كدولة قابلة للحياة دون دور وظيفي في الأقليم وكان الحديث عادة ما ينصب على دور اردني في فلسطين صراعا او سلما. وفي واقع الحال تمكنت القيادة الاردنية لعقود طويلة من القيام بهذا الدور ما نتج عنه ريع استراتيجي (strategic rent) استفاد منه النظام في تحقيق الاستقرار الداخلي وفي التأسيس لعلاقة رعوية وزبائنية مع الأردنيين مكنت النظام من الحكم لعقود دون أن يتطرق أحد لعقد اجتماعي جديد.
وبموازاة هذه المقاربة تبلور تيار نخبوي معزول في السنوات الأخيرة يرى بأن الحل يكمن في استعادة هذا الدور، واستطاع عدد من هؤلاء التغلغل في دوائر صنع القرار واتبعوا سياسة اقتصادية أفقرت الأردن اقتصاديا بحيث لم يعد بإمكانه الحفاظ على علاقة زبائنية مع الاردنيين الأمر الذي بات يهدد الاستقرار في المملكة، فلم يعد بإمكان رأس الدولة الاستمرار بنفس أدوات واليات الحكم والحفاظ على الاستقرار السياسي في الوقت ذاته. لهذا هناك من يروّج لكونفدرالية مع 'دولة' فلسطين التي تم الاعتراف بها كدولة غير عضو بالامم المتحدة. وارتبط هذا التيار بعدد من الاعلاميين الذين حاولوا محاصرة الأردن على صعيدين:
أولا، التركيز على قضية الحقوق 'المنقوصة' والمطالبة باصلاحات جوهرها المحاصصة الديمغرافية بدلا من المطالبة باصلاحات حقيقية تحقق العدالة الاجتماعية لكل مكونات المجتمع الاردني. وقد نشط هؤلاء من خلال الكتابة لصحف غير اردنية وأخرى بالولايات المتحدة ومن خلال استغلال الدعوات التي توجهها السفارات الغربية لهم لطرح القضية على اعتبار ان كل ما يحتاجه الاردن من اصلاحات هو زيادة تمثيل مكوّن محدد وتنتهي عندها المسألة. احد مراسلي الوكالات الاجنبية استغل مناسبة عشاء في سفارة غربية وقال بأن المشكلة بالاردن هي ان هناك عقلية عشائرية لا تتوافق مع العقلية الغربية لرأس الدولة, وألمح بأن المطلوب هو أن يدير الملك ظهرة للعشائر ويركز على مكونات أخرى حتى يوسع قاعدته الاجتماعية.
ثانيا، المطالبة بالعودة عن قرار فك الارتباط وتبني موضوع الكونفدرالية باعتباره الحل 'الامثل' للاردن وفلسطين، والصحف العربية والاجنبية تعج في مقالات وتصريحات من هذا القبيل. وقد دار نقاش ساخن بالاردن قبل سنوات بين من يطالب بالعودة عن قرار فك الارتباط وبين من يطالب بدسترة وقوننة فك الارتباط حماية للاردن وللحقوق الفلسطينية غرب النهر.
وعلى نحو لافت، هناك من طالب علانية بوطن بديل وهنا نشير الى مضر زهران الذي كتب اكثر من مرة في الجيروسالم بوست اليمينية الاسرائيلية مطالبا بحل الصراع العربي الاسرائيلي من خلال ترحيل فلسطيني الضفة الغربية والقدس الشرقية الى شرق النهر على ان يكون ذلك في سياق اقامة دولة فلسطينية في شرق الاردن وتكون عاصمتها عمان. وربما يمثل مضر زهران التيار المتطرف من هؤلاء غير أنهم جميعا يلتقون بضرورة هيمنة فلسطينية على الاردنيين بصرف النظر عن حدود الدولة الفلسطينية. وبعيدا عن تبني صحيفة القدس العربي موضوع الكونفدرالية في افتتاحيتها قبل اسابيع قليلة، وبعيدا عن مقال دواد كتاب الذي نشر في الولايات المتحدة للترويج لهذه الفكرة وبعيدا عن كتابات سليمان الخالدي المتكررة وتقاريرة لوكالة رويترز التي تستهدف الاردنيين، وبعيدا عن كتابات مضر زهران وسامر ابو لبدة وبسام بدارين في هذا المجال فإن هناك قرائن تبعث على الريبة والشك لا بد من التوقف عندها.
أولا، انسداد أفق وفرص حل الدولتين والافلاس السياسي للسلطة الفلسطينية واستعداد نخب اوسلو لمفاوضة الاردن على الكونفدرالية. فما من شك أن قيادة الشعب الفلسطيني المتثلة بأبي مازن قد توصلت الى نتيجة بأنها غير قادرة على انتزاع أي شيء من الجانب الاسرائيلي وبالتالي باتت تفقد مقومات ومبررات وجودها كقيادة لشعب يكافح من اجل الاستقلال. لهذا يريد أبو مازن ان يصور لنا ان القرار الاممي بالاعتراف بدولة فلسطينية غير عضو هو انجاز كبير ويؤهلة للبدء في مفاوضات كونفدرالية مع الاردن من موقع القوة. فمهارات محمود عباس التفاوضية التي لم تسعفه في استعادة حقوق الشعب الفلسطيني وتنهي الاحتلال الاسرائيلي ستمكنه هذه المرة من التوسع شرقا على حساب الاردن الذي يقوده ملك ليس لديه حساسية من الكونفدرالية على حد تقدير داود كتاب. فأبو مازن ما كان سيجرؤ على مجرد التفكير بهذا الأمر لو كان الملك حسين على قيد الحياة- هكذا نستنتج من مقالة داود كتاب!
ثانيا، تشجيع الجانب الاسرائيلي على ان يكون الأردن طرفا في الحل، هو طعم بلعه بعض الاردنيين الذين يقولون أن كونفدرالية قبل مفاوضات الحل النهائي ستريح الإسرائيليين وتشجعهم على تقديم تنازلات في فلسطين للجانب الاردني. وبالفعل طرح الدكتور عبدالسلام المجالي فكرة الكونفدرالية حتى قبل اقامة دولة فلسطينية كوسيلة لتأمين تنازل اسرائيل عن الاراضي الفلسطينية لصالح الفلسطينيين. وبصرف النظر عن نوايا عبدالسلام المجالي الطيبة إلا ان الموقف برمته لا يتصف بالحصافة السياسية ولا يمكن القول بأنه ناتج عن فهم لطبيعة التحولات المجتمعية في اسرائيل ولا في تعبيراتها السياسية.
هنا تأتي الزيارة السرية التي قام بها نتنياهو لعمان ولقائه بالملك حتى يشجعه على التوجه الفلسطيني نحو الكونفدرالية. وقد تناولت الصحف العبرية هذه الزيارة بشيء من التفصيل. فنتنياهو يقود الليكود الذي احتل الاردن مكانا في تفكيره الاستراتيجي مع ان طبيعة الدور والمكانة تغيرّت أربع مرات. فقبل عام 1965 كان الليكود ينظر إلى الاردن كجزء من 'ارض اسرائيل' المغتصب الذي يجب ان يعود لإسرائيل. غير أن تشكيل كتلة جاهال عام 1965 بانضمام الاحرار لها دفعت الحزب الى تبني مقولة الاردن هو فلسطين، ثم عاد الحزب بعد ان جاء شارون للحكم بتبني حل الدولتين على اعتبار ان الاردن هو الاردن وفلسطين هي فلسطين، ثم عاد الحزب مؤخرا الى فكرة الخيار الاردني التي كان يتبناها حزب العمل في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وهنا نفهم الحماسة الاسرائيلية لكونفدرالية اردنية فلسطينية. والموقف الاسرائيلي ناتج عن دراسات استراتيجية كثيرة اهمها ما نشره مركز بيغن سادات وبالتحديد دراسة غيورا ايلاند التي طالب بها بالعودة للخيار الاردني.
ثالثا، على الصعيد الداخلي، مازال عدد من الكتّاب المتماهين مع فكرة الكونفدرالية مقربين من دوائر صنع القرار الرسمي وكأن الأمر لا يعنيهم أو وكأن هناك مباركة خفية لمحاولاتهم خلق انطباع بأن الاردن مطيّاع لفكرة كهذه, وزاد من الطين بلة وجود عدد كبير من السياسيين الانتهازيين الذين يتجنبون الاعلان بصراحه معارضتهم لهذه الفكرة خشية من أن يكون رأس الدولة موافقا عليها وبالتالي يفقدوا فرصهم في الصعود على السلم السياسي.
رابعا، الدعوة الصريحة لشخصيات خارج السلطة لكنها كانت صانعة قرار وهامة سواء في الاردن او في فلسطين. فالامير حسن قال في اجتماع لجمعية عيبال في بيت طاهر المصري بأن الضفة الغربية هي جزء من اراض المملكة الاردنية الهاشمية مع انه لم يتطرق للقدس، في حين طالب فاورق القدومي بالكونفدرالية بشكل صريح. صحيح ان هاتين الشخصيتين هما خارج دوائر صنع القرار في الاردن وفي السلطة الا انهما لا ينطقان عن الهوى بل وربما بتنسيق مسبق.
للأسف تمكن التيار النيوليبرالي من افقار الاردن ومن هدم اقتصاده حتى يكون طيّعا لحلول اقليمية لمشاكله الاقتصادية. فالكونفدرالية بهذا المعنى هي المخرج للاقتصاد الاردني إذ يتوقع أن لا يوافق الاردن عليها الا اذا كان هناك مساعدة بعشرات المليارات تكفي لاخراج الاردن من ازمته لخمس او عشر سنوات قادمة، لكن ماذا بعد ذلك؟! وتكتمل فصول اللعبة بوجود حالة من الاستقطاب بالاردن ابعدت الناس عن التفكير بما يحاك للاردن من قوى داخلية وخارجية واختزلت المشهد السياسي بين مقاطعين ومشاركين في انتخابات نيابية قادمة.
باختصار، يمكن للاردن مقاومة مخططات الكونفدرالية التي تحاك له وبتشجيع من تيار نخبوي داخلي معزول، غير ان النخب الحاكمة تفضل الاستمرار في لعبة اضعاف وتقسيم الاردنيين وتوظيف حاجات وضعف الكثيرين حتى تتمكن هذه النخب من تجاوز استحقاقات الربيع العربي. هذه هي المؤامرة بعينها لأن صنّاع القرار لا يرون المشهد الا من خلال مصالحهم وبقائهم حتى لو كان ذلك على حساب الوحدة الوطنية ومستلزمات المنعة الوطنية.
وبموازاة هذه المقاربة تبلور تيار نخبوي معزول في السنوات الأخيرة يرى بأن الحل يكمن في استعادة هذا الدور، واستطاع عدد من هؤلاء التغلغل في دوائر صنع القرار واتبعوا سياسة اقتصادية أفقرت الأردن اقتصاديا بحيث لم يعد بإمكانه الحفاظ على علاقة زبائنية مع الاردنيين الأمر الذي بات يهدد الاستقرار في المملكة، فلم يعد بإمكان رأس الدولة الاستمرار بنفس أدوات واليات الحكم والحفاظ على الاستقرار السياسي في الوقت ذاته. لهذا هناك من يروّج لكونفدرالية مع 'دولة' فلسطين التي تم الاعتراف بها كدولة غير عضو بالامم المتحدة. وارتبط هذا التيار بعدد من الاعلاميين الذين حاولوا محاصرة الأردن على صعيدين:
أولا، التركيز على قضية الحقوق 'المنقوصة' والمطالبة باصلاحات جوهرها المحاصصة الديمغرافية بدلا من المطالبة باصلاحات حقيقية تحقق العدالة الاجتماعية لكل مكونات المجتمع الاردني. وقد نشط هؤلاء من خلال الكتابة لصحف غير اردنية وأخرى بالولايات المتحدة ومن خلال استغلال الدعوات التي توجهها السفارات الغربية لهم لطرح القضية على اعتبار ان كل ما يحتاجه الاردن من اصلاحات هو زيادة تمثيل مكوّن محدد وتنتهي عندها المسألة. احد مراسلي الوكالات الاجنبية استغل مناسبة عشاء في سفارة غربية وقال بأن المشكلة بالاردن هي ان هناك عقلية عشائرية لا تتوافق مع العقلية الغربية لرأس الدولة, وألمح بأن المطلوب هو أن يدير الملك ظهرة للعشائر ويركز على مكونات أخرى حتى يوسع قاعدته الاجتماعية.
ثانيا، المطالبة بالعودة عن قرار فك الارتباط وتبني موضوع الكونفدرالية باعتباره الحل 'الامثل' للاردن وفلسطين، والصحف العربية والاجنبية تعج في مقالات وتصريحات من هذا القبيل. وقد دار نقاش ساخن بالاردن قبل سنوات بين من يطالب بالعودة عن قرار فك الارتباط وبين من يطالب بدسترة وقوننة فك الارتباط حماية للاردن وللحقوق الفلسطينية غرب النهر.
وعلى نحو لافت، هناك من طالب علانية بوطن بديل وهنا نشير الى مضر زهران الذي كتب اكثر من مرة في الجيروسالم بوست اليمينية الاسرائيلية مطالبا بحل الصراع العربي الاسرائيلي من خلال ترحيل فلسطيني الضفة الغربية والقدس الشرقية الى شرق النهر على ان يكون ذلك في سياق اقامة دولة فلسطينية في شرق الاردن وتكون عاصمتها عمان. وربما يمثل مضر زهران التيار المتطرف من هؤلاء غير أنهم جميعا يلتقون بضرورة هيمنة فلسطينية على الاردنيين بصرف النظر عن حدود الدولة الفلسطينية. وبعيدا عن تبني صحيفة القدس العربي موضوع الكونفدرالية في افتتاحيتها قبل اسابيع قليلة، وبعيدا عن مقال دواد كتاب الذي نشر في الولايات المتحدة للترويج لهذه الفكرة وبعيدا عن كتابات سليمان الخالدي المتكررة وتقاريرة لوكالة رويترز التي تستهدف الاردنيين، وبعيدا عن كتابات مضر زهران وسامر ابو لبدة وبسام بدارين في هذا المجال فإن هناك قرائن تبعث على الريبة والشك لا بد من التوقف عندها.
أولا، انسداد أفق وفرص حل الدولتين والافلاس السياسي للسلطة الفلسطينية واستعداد نخب اوسلو لمفاوضة الاردن على الكونفدرالية. فما من شك أن قيادة الشعب الفلسطيني المتثلة بأبي مازن قد توصلت الى نتيجة بأنها غير قادرة على انتزاع أي شيء من الجانب الاسرائيلي وبالتالي باتت تفقد مقومات ومبررات وجودها كقيادة لشعب يكافح من اجل الاستقلال. لهذا يريد أبو مازن ان يصور لنا ان القرار الاممي بالاعتراف بدولة فلسطينية غير عضو هو انجاز كبير ويؤهلة للبدء في مفاوضات كونفدرالية مع الاردن من موقع القوة. فمهارات محمود عباس التفاوضية التي لم تسعفه في استعادة حقوق الشعب الفلسطيني وتنهي الاحتلال الاسرائيلي ستمكنه هذه المرة من التوسع شرقا على حساب الاردن الذي يقوده ملك ليس لديه حساسية من الكونفدرالية على حد تقدير داود كتاب. فأبو مازن ما كان سيجرؤ على مجرد التفكير بهذا الأمر لو كان الملك حسين على قيد الحياة- هكذا نستنتج من مقالة داود كتاب!
ثانيا، تشجيع الجانب الاسرائيلي على ان يكون الأردن طرفا في الحل، هو طعم بلعه بعض الاردنيين الذين يقولون أن كونفدرالية قبل مفاوضات الحل النهائي ستريح الإسرائيليين وتشجعهم على تقديم تنازلات في فلسطين للجانب الاردني. وبالفعل طرح الدكتور عبدالسلام المجالي فكرة الكونفدرالية حتى قبل اقامة دولة فلسطينية كوسيلة لتأمين تنازل اسرائيل عن الاراضي الفلسطينية لصالح الفلسطينيين. وبصرف النظر عن نوايا عبدالسلام المجالي الطيبة إلا ان الموقف برمته لا يتصف بالحصافة السياسية ولا يمكن القول بأنه ناتج عن فهم لطبيعة التحولات المجتمعية في اسرائيل ولا في تعبيراتها السياسية.
هنا تأتي الزيارة السرية التي قام بها نتنياهو لعمان ولقائه بالملك حتى يشجعه على التوجه الفلسطيني نحو الكونفدرالية. وقد تناولت الصحف العبرية هذه الزيارة بشيء من التفصيل. فنتنياهو يقود الليكود الذي احتل الاردن مكانا في تفكيره الاستراتيجي مع ان طبيعة الدور والمكانة تغيرّت أربع مرات. فقبل عام 1965 كان الليكود ينظر إلى الاردن كجزء من 'ارض اسرائيل' المغتصب الذي يجب ان يعود لإسرائيل. غير أن تشكيل كتلة جاهال عام 1965 بانضمام الاحرار لها دفعت الحزب الى تبني مقولة الاردن هو فلسطين، ثم عاد الحزب بعد ان جاء شارون للحكم بتبني حل الدولتين على اعتبار ان الاردن هو الاردن وفلسطين هي فلسطين، ثم عاد الحزب مؤخرا الى فكرة الخيار الاردني التي كان يتبناها حزب العمل في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وهنا نفهم الحماسة الاسرائيلية لكونفدرالية اردنية فلسطينية. والموقف الاسرائيلي ناتج عن دراسات استراتيجية كثيرة اهمها ما نشره مركز بيغن سادات وبالتحديد دراسة غيورا ايلاند التي طالب بها بالعودة للخيار الاردني.
ثالثا، على الصعيد الداخلي، مازال عدد من الكتّاب المتماهين مع فكرة الكونفدرالية مقربين من دوائر صنع القرار الرسمي وكأن الأمر لا يعنيهم أو وكأن هناك مباركة خفية لمحاولاتهم خلق انطباع بأن الاردن مطيّاع لفكرة كهذه, وزاد من الطين بلة وجود عدد كبير من السياسيين الانتهازيين الذين يتجنبون الاعلان بصراحه معارضتهم لهذه الفكرة خشية من أن يكون رأس الدولة موافقا عليها وبالتالي يفقدوا فرصهم في الصعود على السلم السياسي.
رابعا، الدعوة الصريحة لشخصيات خارج السلطة لكنها كانت صانعة قرار وهامة سواء في الاردن او في فلسطين. فالامير حسن قال في اجتماع لجمعية عيبال في بيت طاهر المصري بأن الضفة الغربية هي جزء من اراض المملكة الاردنية الهاشمية مع انه لم يتطرق للقدس، في حين طالب فاورق القدومي بالكونفدرالية بشكل صريح. صحيح ان هاتين الشخصيتين هما خارج دوائر صنع القرار في الاردن وفي السلطة الا انهما لا ينطقان عن الهوى بل وربما بتنسيق مسبق.
للأسف تمكن التيار النيوليبرالي من افقار الاردن ومن هدم اقتصاده حتى يكون طيّعا لحلول اقليمية لمشاكله الاقتصادية. فالكونفدرالية بهذا المعنى هي المخرج للاقتصاد الاردني إذ يتوقع أن لا يوافق الاردن عليها الا اذا كان هناك مساعدة بعشرات المليارات تكفي لاخراج الاردن من ازمته لخمس او عشر سنوات قادمة، لكن ماذا بعد ذلك؟! وتكتمل فصول اللعبة بوجود حالة من الاستقطاب بالاردن ابعدت الناس عن التفكير بما يحاك للاردن من قوى داخلية وخارجية واختزلت المشهد السياسي بين مقاطعين ومشاركين في انتخابات نيابية قادمة.
باختصار، يمكن للاردن مقاومة مخططات الكونفدرالية التي تحاك له وبتشجيع من تيار نخبوي داخلي معزول، غير ان النخب الحاكمة تفضل الاستمرار في لعبة اضعاف وتقسيم الاردنيين وتوظيف حاجات وضعف الكثيرين حتى تتمكن هذه النخب من تجاوز استحقاقات الربيع العربي. هذه هي المؤامرة بعينها لأن صنّاع القرار لا يرون المشهد الا من خلال مصالحهم وبقائهم حتى لو كان ذلك على حساب الوحدة الوطنية ومستلزمات المنعة الوطنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق