الأربعاء، فبراير 04، 2009

رسالة من غزي إلى أخيه العربي - شعر حر


رسالة من غزي إلى أخيه العربي
في يوم الهجوم على غزة هاشم
27/12/2008…
بقلم د. بني هاني

يا أحبتي...يا إخوتي...ياعزوتي...
أيقِظوني مِنْ كابوسِ ٍ...هائج ٍ...مائج ٍ...يغرقني...
أفيقوني مِنْ حُلم ِليلةِ شتاءٍ...يعصِفُ بنفسي...ويزلزلُ مهجعي...
يحوّلُ الأحلامَ إلى دماءْ...والآمال إلى عظامْ...
ينكدُّ عليَّ نومي...ويقضُّ مضجعي...
إنقذوا ما تبقى مني...وأقيلوا عثرتي...
واجبروا ذاتيَّ المكسورةُ...من أيام ِطفولتي...
وأعينوني من نفسي...على نفسي...في محنتي...
ولملموا شعثيَ... الذي إلى كل ِ سماء ٍ تطايرْ...وعلى كل ِ أرض ٍ تناثر...
ألا ترونَ دموع َ الفجع ِ...تنبجسُ من عيني...؟
* * * * * *
ألا تسمعون أنين الموت...وآهات الجوائح...تُلفظُ من الأعماق...؟
وعواصفَ القتلِ والتخريب...تنطلق في كل الآفاق...؟
قد بلغَ قلبي حنجرتي...وضاقت عليّ دنيايَ...وما رحُبتْ سمائي وأرضي...
ليس من عدو ٍ يتجهمُني...ولا موت ٍ يغتالنُي...من بين يديَ...ومن خلفي..
بل مما أسمعُ وأرى...ولِمَ يشيحُ أخي...بوجهه عني...
وكيف أصبح البَشَرُ... حجارا ًو رمادا ً...تذروها رياحُ التغريب من حولي...
لايصبر ولايقرر...ولاينطق ولايهمس...ولا للحياة يغني...
ضمدوا معي جرحا ً عميقا ً...يهزُّ روحي...ويؤلم ذاكرتي...
ويُعيدُني إلى حال ٍ...أنسى فيه نفسي وكياني...
لمْْ أعُد معهُ أتذكرُ...تاريخي وجغرافيتي...
وأصْلي وفصْلي...ومنبتي ومسكني...
ويخلط عليَّ الأوراق...ويمزجُ الأخوة َ...مع الأعداء...
فَبِتُ أعيشُ في عالم ٍ غريبٍ...عجيبْ...
ليس لي فيه...أدنى نصيب...
إلا ّ القتلُ والتشريد...والتهديدُ والوعيد...
إذا لم أستكنْ لخلطاء الظلام... والمتمردين على السماء...
والقراصنة...واللصوص أجمعين...
فالظلمُ فيه من جناة ِ الليلِ ِ...من سقط ِ البشر...قد سد الطريق...
وأغلق أماميَ المنافذ َ...وبذرَ الموتَ على كل سبيل...
وأهال في دربيَ الموانعَ والسدود...وأشعلَ النارَ في الأخدود...
وزَرَع َ الأرضَ خرابا ً...ودمارا ً...أنبَتَ يئسا ً بلا حدودْ...
وأثمَرَ قتلاَ ً وتنكيلا ًَ...وطفحَ ألما ً وتعذيبا ً...وتكبيلا ً بالحديد ِ والقيودْ...
يُعينهم في ذلك...حلِفُ الشهوةِ والشيطانْ...
وجمعٌ من الطُرشانِ...والخُرسان...
وحشدُ الجهلةِ...والعميان...
وجشعُ الكبير...وجهلُ الغريبْ...
وجُبنُ الصغير...وصمتُ الشريفْ...
لمصلحة من...ومن أجل ماذا...؟ والجواب هو...
ليشردوا ذاك...وينهبواهذا...
وكذا فعلوا في كل مكان...
في فلسطين والسودان...
في كشمير...ولبنان...
في فطاني...والعراق...
والفلبين...وأفغانستان...
فأين الفضاء الذي لم يدّنسوه...والشعب الذي لم يهينوه...والمورد الذي لم ينهبوه...؟
فماذا تروني فاعل...؟...أأستكين لكل طامع ٍمارقْ...؟...أو قاطع ِطريق ٍ...سارقْ...؟
فهذه شكواي إبتداءَ...أغيثوني...أغيثوني...أغيثوني...
* * * * * *
تذكرّوا يا أحبتي...أنَ لنا مع بدء الزمان...حكاية...
وأنها قديمة ٌ...كأبي رغال ٍ مع الأحباشْ...
وأبي جهل ٍ مع الأشراف...وأبي بكر ٍ مع العقال...
ولؤلؤةٍ مع الخطاّبْ...وأبن سبأٍ مع علي ٍ والأعرابْ...
فلما الجحودُ ولما الفرارْ...ولما الروؤسُ نـُطأطئها تحت الرمالْ...
فأصلُ حكايتنا...جاء مع ديننا... وبدأ معها الزمان...
فهيهات أن يكون هناك سلامْ...وهيهيات أن يرضى عنا المارقون...عبر الأزمانْ...
وشرطهم الوحيد للرضى...وكف الأذى...والأمانْ...
هو أن نرمي جلودنا...وننكر نبي آخر الزمانْ...
ونشرب ُ الخمرَ...حتى نثمل...ونرقصُ مع الجواري والقينات...

ليست هناك تعليقات: