السبت، نوفمبر 16، 2013

حدثني حكيمٌ، فقال ...

 
حدثني حكيمٌ، فقال:
... يابني ... إذا سادت الوقاحة ... واختفت من الوجه السماحة ... فاعلم بأن القلبَ مات .... ولم يعد لجميلِ الفكر في العقل مساحة ....
الله أكبر ...


الأحد، نوفمبر 10، 2013

المؤسسات والوطنية ....

 
                                            *************     اقرأوا بالله عليكم  *********
ربما أكون قد أثقلت عليكم، لكن قلبي المحروق على بلدي يدفعني لذلك ... والكلمات التاليات هي جزء بسيط جداً من تشخيصي لما جرى ويجري، وقد ضمنته  في كتابي الجديد ...
المؤسسات والوطنية
الوطنية (patriotism) ودرجتها هي حالة اجتماعية ونفسية تصنعها المؤسسات السائدة في المجتمع. وعندما تسود المؤسسات الحميدة في المجتمع ترتفع درجة الوطنية في نفوس الأفراد والجماعات. أما المؤسسات الرديئة فهي تعمل على تقليل درجة الوطنية، وتؤدي إلى مايُطلق عليه علماء الإجتماع التغريب          (alienation). والتغريب، بشكلٍ عام، هو شعور الفرد أو الجماعة بأنهم غرباء عن المجتمع الذي يعيشون فيه، ولم يتمكنوا بعد من التكامل معه. وعادة مايشعر بحالة التغريب الجماعات الإثنية أو الدينية أو الأقليات العرقية، أو المواطنون المهمشون، والمُغيبون عن مراكز صناعة القرار، أو الذين ليس لهم حصة مناسبة من الإنتاج الكلي. وقد بينت تجارب الأمم بأن عمليات التحديث المُبتسرة تؤدي إلى تغريب قطاعاتٍ عريضة من السكان، وخاصة الذين يعيشون بعيداً عن مراكز صنع القرار. والبعد هنا ليس بعداً مكانياً، بل بعداً معنوياً.
صنف كارل ماركس التغريب تحت أربعة أشكال: (1) التغريب الاقتصادي والإجتماعي (economic & social alienation)، وهو شعور يُسيطر على الطبقة العاملة، ومفاده أن العمال ينتجون أشياء غير مقتنعين بها، يستهلكها الغير، ويجني أصحاب رأس المال من إنتاجها أرباحاً، ويتلقى منها العمال أجوراً زهيدة، وبالتالي فهم مغربون عن الأشياء التي يصنعوها نتيجة لـ الإستغلال (exploitation) الذي يمارسه أصحاب العمل، ونتيجة لـ تقسيم العمل. (2) التغريب السياسي (political alienation)، حيث يتم توظيف القوة السياسية في تعزيز نمط الإنتاج السائد، وتغريب المواطنين عن الإنخراط الحقيقي في النشاط السياسي . (3) التغريب الإنساني (human alienation)، وهي حالة تنمو في نفوس الأفراد الذين يسعون وراء لقمة العيش، ويكدحون من أجلها. (4) التغريب العقائدي (الإيديولوجي)(ideological alienation)، حيث يعمل الدين على تشتيت انتباه الناس عن مبدأ السعادة الصحيح.
لست من المعجبين بـ كارل ماركس، ولا من الذين يتبنون أفكاره المادية، لكن هناك مايستحق منا النظر والتحليل الموضوعي، وخاصة في ما قاله عن التغريب الاقتصادي والإجتماعي.
عندما يسود الاستبداد، وتعمل المؤسسات الرديئة على تهميش دور الناس في القرارت الاقتصادية والإجتماعية، فإن هؤلاء الناس تشعرون بالغربة الحقيقية، لأن القرارت الاقتصادية المصيرية تتم من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية اللتين لاتشاركهم في صنع القرارات. وعندما يستبد الشعور بعدم شرعية هاتين السلطتين في نفوسهم، وتؤثر قرارتهما في جوهر حياتهم، فإن النتيجة تكون التغريب والمزيد من الأحقاد على مفهوم الوطنية، مما يعني بأن درجتها تتضائل في نفس الفرد.
بناءاً على ذلك يمكننا صياغة قانون الوطنية، وعلاقته مع متغير التغريب كما يلي: " ... تتناسب قوة الوطنية عكسياً مع زيادة شعور المواطن بالتغريب، فكلما زادت حالة التغريب والشعور بها في نفس الفرد، انخفضت درجة الوطنية لديه ...".
تؤدي أشكال الإغتراب، في مجملها، إلى شعور الناس بـ: (1) فقدان القوة             (powerlessness)، و(2) فقدان المعنى مما يجري (meaningless)، و(3) الخروج عن المعايير الطبيعية للسلوك (normlessness)، وهو ماعبّر عنه عالم الإجتماع إميل دوركهايم (Emile Durkheim) بانهيار معايير السلوك أو عدم صلاحيتها في المجتمع، وبالتالي سيادة المؤسسات الرديئة .
في هذه الحالة الشاذة، فقط، تسود الأنانية، ويتربص الفرد الذي يعاني من حالة التغريب بمقدرات المجتمع وموارده. ويَعتبرُ بأن مايحصل عليه من مكاسب في المجال العام  مجرد غنيمة، إذا لم يأخذها فإن غيره سيأخذها. ولايهتم هذا الفرد برفاه بقية الأفراد، أو بتحقيق التنمية التي قد يستفيد منها الكل. ويطغى الجهل الذي يتسامح مع هذه الحالة الغريبة. وفي هذه الحالة فقط، وبتدبير من السلطة السياسية، يتسلل الجهلة والسفلة إلى مراكز صنع القرار، وخاصة في مجالي التنفيذ والتشريع.
هناك حادثة مؤلمة ذكرها لي نائبٌ مخضرم. قائلاً: ... دعيناً ذات مساء إلى جلسة حوارية حضرها بعض النواب والأعيان والوزراء. وقد تشعب الحديث وتعددت الموضوعات، وكان منها تضخم الأسعار وأثره على مستوى معيشة المواطن. وأثناء الحديث بادر أحد النواب بمداخلة شعرت بسببها بالخزي من كوني نائب في ذلك المجلس " قال .... دولة الرئيس لعن الله التضخم كم هو سيء ... فقد كان لي ابن عم أصابه تضخم بالقلب قبل أسبوعين وتوفي بسببه ... رحمه الله ... " !!!