الجمعة، فبراير 03، 2012


بقلم د. عبدالرزاق بني هاني

قبل أن أبدأ بطرح افكاري وخواطري وشرحها في ما يتيسّر من السطور القادمة، أرجو أن أنبه إلى وجود ما يُسمى ” المدرسة الكلبية في الفلسفة “، وهي الترجمة العربية بتصرف لما يُطلق عليه بالإنجليزية (cynicism). ويؤمن أصحاب هذه المدرسة بأن ” الإرادة الخيرة ” للانسان ليست موجودة أصلاً، وإن سلوك الإنسان وتصرفاته محكومة بمصلحته الشخصية.
إن مقالتي التالية ليست موجهة إلى أولئك الذين ينتمون إلى هذه المدرسة، التي أكرهها وأكره اصحابها، وهم على ما يبدو كثرٌ ومتغلغلون في مفاصل حياتنا العامة والخاصة، ومتغلغلون على وجه الخصوص في المؤسسات العامة للدولة.
إن أصحاب هذه المدرسة لاينتمون إلى عرقٍ أو دينٍ مُحددين، فقد لاحظت أن منهم مسلمون ومسيحيون، ومنهم شيوعيون وبعثيون، ومنهم العرب وغير العرب.
أقول ذلك لأنني أعتصر ألماً وغيظاً على من ينتمي إلى هذه المدرسة البغيضة. وأصحاب هذه المدرسة هم نتاجٌ طبيعي لمرحلة تُعبّر عن حالة بائسة من الفقر والفاقة والحراكات السياسية والاجتماعية التي تخلخلُ اركان الدولة التي نعيش فيها.
من أجل توضيح الأفكار المبينة أعلاه دعني أضرب مثلاً واقعياً وحياً بامتياز:
هناك موظف عام يتقاضى أعلى راتب شهري منصوص عليه في أنظمة الحكومة، ومخصص له سيارة وسائق، ويقوم على خدمة عمله عددٌ كبيرٌ من الموظفين الذين يحملون شهادات الدكتوراة والماجستير والبكالوريوس، ومطّلع على أدق اسرار المجتمع ورجالات الدولة الكبار، وهو محميٌ من الفصل التعسفي من وظيفته، ويحمل صفة الضابطة العدلية. وقد عرف بحكم وظيفته كل الأشخاص الذين عاثوا في البلاد فساداً، ابتداءً ممن سرق أدوية الناس في عهدٍ سابق، مروراً بالذي سرق قوت الناس، وانتهاءً بمن جمع أموال السحت والحرام من اموال عامة الناس وأودعها في حساباتٍ بالمصارف الأجنبية.
لكن هذ الموظف يقدم استقالته من تلك الوظيفة المغرية والمجزية مادياً ومعنوياً دون إبداء الأسباب التي دعته إلى ترك وظيفته. فما هي يا ترى الأسباب الحقيقية الكامنة وراء استقالته ؟ وعندما طرحت عليه السؤال قال لي بالحرف الواحد ” إن روحي تحدثني وتقول كيف لك أن تحيا حياة ليس فيها ما يجعل منها ذات قيمة ؟ ” وقد قصد بذلك أن العمل الذي كان يمارسة، حتى وإن حاول عامة الناس وبعض خاصتهم أن يخلعوا عليه ثوب المهابة، لكنه جرّدَ حياته المهنية مما يجعل لها قيمة. وقد ذكر مراراً بحضرة رؤساء وزارات أن الراتب الذي يتقاضاه كان حراماً، فكان رد فعلهم أقل حرارة من الصقيع في فصل الشتاء القارص!
إننا حقاً نواجه كارثة سياسية واجتماعية مركبة، سببها أن المسؤولين عندنا لايتعلمون من تجارب واخطاء الماضي، ومنحنى التعلم عندهم ليس موجوداً أو أنه لاقيمة له البتة. أو أنهم لايعرفونه أصلاً.
لست متأكداً لماذا تخطر على بالي أفكار الكاتب السوري الراحل محمد الماغوط، وهي ذات الأفكار التي أوردها في رائعته ” سأخون وطني “. فالأوطان، ومهما كانت منكوبة باشخاصها، أو مؤسساتها المبتورة، لاتستحق الخيانة. إنها تستحق التضحية بكل ما يملك الإنسان، إلا إذا اعتبر هذا الإنسان أن وجوده طارئاً عليها، أو أن هذه الأوطان هي غنيمة لابد من أن يأخذ حصته منها قبل أن ينهبها غيره.
إن الأوطان تختلف عن الأشخاص العابرين الذين يأتون ويمضون، أنى كانت المواقع التي يشغلونها، والوظائف التي يؤدونها. ولو توقف وجود الوطن على شخصٍ بعينه، مهما كان، لما كانت هناك أوطان، ولما استمرت الحياة على ما هي عليه. ويحضرني في سياق هذا الحديث مثلٌ صيني يقول ” … في هذه المقبرة كثيرٌ من الناس الذين كانو يحسبون أن الدنيا ستزول من بعدهم … “. ولذلك فإن الحياة مستمرة بمن فيها من صالحين وطالحين، وطنيين غيورين أو مرتزقة عابرين. ورغم أن ذاكرة عامة الناس تشبه المرآة التي لا تعرف إلا من يقف أمامها، إلا أن الحال أعمق من ذلك. فالناسُ تأتي وتذهب، لكن الأوطان تبقى والتاريخ يدوّن !
قبل ما يزيد على عشرة أعوام حدث خلافٌ مع الفريق الاقتصادي آنذاك، حول السياسات الاقتصادية الوطنية، وكيفية تحقيق نسبة النمو الاقتصادي التي استهدفناها للحقبة التي تلت وضع وإقرار تلك السياسات. ففي تلك الفترة الصعبة زاد معدل البطالة الحقيقي (وغير المعلن) على (25%) من مجموع القوى العاملة الباحثة عن عمل. وزادت قيمة المديونية عن (102%) من الناتج المحلي الإجمالي، وزادت نسبة عجز الموازنة عن (25%). وبالمجمل كانت التحديات عظيمة مقارنة مع الخيارات المتاحة، وهي خيارات انحصرت في مسارين اثنين فقط، هما: إما أن نتجرع مرارة الحالة الاقتصادية المزرية، الموروثة من اوضاع تراكمية سابقة، وبالتالي محاولة النهوض الذاتي بما أتيح لنا من موارد اقتصادية، أو أن نركن إلى المُسكنات المؤقتة من خلال الاستدانة من مؤسسات التمويل الدولية، كالبنك والصندوق الدوليين، إضافة إلى الترتيبات التمويلية الثنائية والمساعدات المالية المباشرة.
كانت المعركة ضارية بين رواد كل مدرسة (مسار). ومع الأسف الشديد، ورغم كل الجهد الذي بذله رواد مدرسة الاعتماد على الذات، فقد انتصرت المدرسة التي تبنت الفكرة التي مفادها ” … أن الأردن عاجزٌ عن النهوض الذاتي … والأردن ضعيفٌ وليس لديه القدرة على الاستمرار إلا بالركون إلى المساعدات والقروض الخارجية، وخصخصة ممتلكات الدولة …”. وبالتالي انتصر رواد الاقتصاد الريعي، وهُزمَ رواد الاقتصاد الإنتاجي.
وبالفعل تم إقرار ذلك المسار المشؤوم، وبدأت ملامحُ مرحلة جديدة تتبلور، كان عنوانها ” … لابد من أن تنسحب الحكومة من كافة الأنشطة الانتاجية التي يمكن للقطاع الخاص أن يتولى أمرها …”.
لقد كان الشعارُ برّاقاً وفاتناً للعقول على نحوٍ مثير، لكن الشعار شيء والممارسات كانت شيئاً آخر. ووقتها شعرت بالمرارة والخذلان العظيمين، وقررت التحدث مع من ” قد يعنيهم الأمر ” لعل واحداً منهم يدرك خطورة الأمر. وكان منهم، على سبيل المثال لا الحصر، رئيس الوزراء ونوابه وبعض الوزراء والنواب ومدير المخابرات ونواب وأعيان وصناع رأي عام. ومع كل الجهد الذي قمت به والتنبيهات التي أطلقتها إلا أنني خسرت المعركة مقابل الحملة الشرسة التي قادها منظرو ” مدرسة القروض الخارجية ” . وكانت المحصلة النهائية لكل ذلك هي أن الأردن الآن يدفع ثمن تلك الخطايا التي ارتكبها نفرٌ من الفاسدين !
استمر، في الفترة اللاحقة لتلك الحقبة، حكم اصحاب ” مدرسة القروض الخارجية وفكفكة هيكل الدولة ” واستشرى شرها. وكنت يومئذ أعمل أميناً عاماً لوزارة التخطيط، ولم أدخر جهداً حينها حول التنبيه إلى خطورة ما يجري، وأبديت رأيي حول ” البرامج التنموية العملاقة – الوهمية ” التي تبناها رواد تلك المدرسة. وكان آخر هذه البرامج ذلك الذي كلف الحكومة أموالاً تنؤ عن تحملها الموازنة العامة، الضعيفة والعاجزة أصلاً. ولم أفلح بإقناع المسؤولين آنذاك أن ما يجري يهدف إلى تبديد موارد الدولة من أجل اضعافها وتدميرها، أو على الأقل جعلها رهينة بيد المؤسسات الدولية، وإننا سندفع، آجلاً أو عاجلاً، ثمن ذلك التهور غير المسؤول. وكما في الحالات السابقة، فقد تم الاتصال مع معظم المسؤولين، ابتداءً من رئيس الوزراء وانتهاءً باصحاب القرار في الدولة. ومع الأسف الشديد لم يكن هناك من يدرك أو يفهم ما كنت أشير إليه، وقلت بالحرف الواحد ” … بأن هناك من يتربص بالدولة من أجل تفكيكها ….”، وكانت تنتابني هواجس ومخاوف مما قد يحيق بوطني. فقد رشحت معلومات أولية عن كتاب لعميل متقاعد كان يعمل لصالح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، ومن تلك المعلومات أن مؤسسات التمويل الدولية تأتمر بما يقال لها أن تفعل في مجال القروض والتسهيلات الائتمانية الممنوحة للدول النامية. وتأكيداً لذلك صدر بعد مدة قصيرة كتاب (Confessions of an Economic Hit Man)، الذي أنصح القراء أن يقرأوا ما ورد به من أفكار مخيفة تخاطب ذات السياقات التي أوردتها في الحديث أعلاه. ومن خلال مسؤوليتي المباشرة في مجالس الإدارات المتعددة كنت أنبه باستمرار إلى خطورة الطريقة التي تُدار من خلالها الشؤون الاقتصادية. ولو رجعنا إلى بعض المذكرات المحفوظة في أرشيف رئاسة الوزراء لوجدنا أنني نبّهت إلى حجم المصيبة التي قد تحدث في المستقبل (ابتداءً من العام 2003). وقد حدث بالفعل ما كنت حذرت منه، وما كان متوقعاً لأنه لم يكن هناك من يقرأ، وإذا قرأ فإنه لم يكن ليأخذ الكلام على محمل الجد، ولو أخذه على محمل الجد لما كان له أن ينفذ بسبب قوى الشد العكسي التي انحصر همها وهدفها الأول والأخير في تبديد موارد الدولة، ومن ثم تفكيكها وتدميرها، أو على الأقل لإبقائها ضعيفة وغير قادرة على حفظ كيانها السياسي والاجتماعي، إلا بحبلٍ من الخارج ومساعداته المالية بأشكالها المختلفة.
وفي كل مرة كنت أجابه مقاومة شديدة، إما من وزراء ومتنفذين جاهلين أو ممن ينتمون إلى المدرسة الكلبية، أو من وزراء ومتنفذين كانت لهم مصلحة في ترك الأوضاع كي تنزلق إلى الهاوية. وما يدهشني حقاً أن التحفظات التي أبديتها في محاضر اجتماعات اللجان أو من خلال المذكرات المتعددة كانت واضحة إلى الحد الذي يحذر من كارثة محققة. وكنت أظن أنني أعيش في دولة يحرص أبناؤها عليها من الضياع أو الدمار، وتخيلت نفسي في لحظة ما كما لو كنت أعيش في الولايات المتحدة الأمريكية أو المملكة المتحدة وهمست بأذن عضوٍ من الكونغرس أو مجلس النواب عن المعلومات التي أعرفها لقامت الدنيا وما قعدت. فتلك الدول خُلقت لتعيش، أما نحن فكأنما خُلقنا كي نموت أو أن نبقي سقيمي الجسد والفكر.
كنت أطرح على نفسي اسئلة محيرة حول المعتقد الفلسفي للمسؤولين في وطني، وعن معنى الوطن والوطنية، والبعد الأخلاقي المتعلق بالسلطة السياسية عندهم. وعلى ما يبدو لي شخصياً، وأرجو أن أكون مخطئاً، أن السلطة السياسية وممارستها عند هؤلاء انعكست من معناها الأصيل الذي كتب عنه فلاسفة الحكم والسياسة، والذي يندرج في ممارسة السلطة بتطبيق القانون انطلاقاً من مبادىءٍ أخلاقية رفيعة، إلى ممارسة السعادة والملذة (Hedonism)، وذلك باعتبار السلطة ضرباً من ضروب ممارسة الشهوة التي تفضي إلى السعادة الفردية من خلال التحكم بالفرد الإنسان وتبديد الموارد النادرة على ملذات الحياة وشهواتها !
قبل أن تبدأ عمليات التفكيك والبيع لممتلكات الدولة كان نصيب كل أردني من عبء المديونية يزيد أو ينقص عن ألف دولار أمريكي. أما بعد انتهاء عمليات البيع التي حدثت في اطار بيئة مشوبة بالفساد، وتظاهرنا بأن جزءاً من ريع الخصخصة قد ذهب لإطفاء جزءٍ من المديونية، ارتفع نصيب الفرد من تلك الديون إلى ما يقرب من أربعة آلاف دولار أمريكي.
أذكر في هذا الإطار أن الراتب الشهري الذي كان يتقاضاه فارس من فرسان ” مدرسة القروض الخارجية ” لم يتجاوز ألف دينار، ولم يتمكن من اقتناء سيارة إلا بشق النفس، وكانت سيارة مستعملة من طراز عادي، وكان يسكن في شقة عادية مستأجرة في حي سكني عادي. وبعد انتهاء عمليات البيع واسستتباب الأمور لاصحاب المدرسة الكلبية زادت قيمة الأصول المالية العائدة لهذا الشخص إلى عدة ملايين من الدنانير، والتي ربما هطلت عليه من السماء!
إن الكارثة التي واجهها ويواجهها الأردن في الفترة الراهنة لاتنحصر بضيق ذات اليد وانحسار موارده المالية، أو في فكفكة الدولة واضعافها وبيع ممتلكاتها وزيادة مديونيتها، بل تعدت أكثر من ذلك، فامتدت إلى البعد الاجتماعي من خلال نمو فئة من الفاسدين الذين أمسكوا بقرارات اقتصادية أدت بالتالي إلى تقسيم الناس إلى فئتين: مستفيدة ومحرومة، رابحة وخاسرة. وما الصراع الاجتماعي الذي نشهده الآن إلا نتاجاً طبيعياً لتلك السلوكيات الشائنة والتصرفات الفاسدة التي قدّمنا وأسسنا لها في الماضي من السنوات. ولو يصارح كل واحدٍ منا نفسه وينعم النظر في الصورة القاتمة التي تظهر أمامه لامتلأ خوفاً ورعباً مما قد تحمله السنوات المقبلة من صراعات بين من يملك ومن لا يملك، وبين الناهب (الفاعل) ومن المنهوب (المفعول به)، فما يكمن خلفنا أو أمامنا هو بالتأكيد أقل أهمية مما يكمن في جوانية كل واحدٍ منا !
في آذار من العام الماضي (2011) قام جلالة الملك بزيارة إلى هيئة مكافحة الفساد، دار خلالها حديث ودي بينه وبين اعضاء المجلس حول عمل الهيئة وحاجاتها من الموظفين والدعم المادي. وقد تشعب الحديث حول القضايا التي تتولاها الهيئة إلى حد دفع جلالة الملك أن يردد مقولته المشهورة ” … بأنه ليس هناك أحدٌ فوق القانون … وليست هناك أوامر من فوق … وإذا كان أبني، لاسمح الله، متورطاً بقضية فساد فليأخذ القضاء مجراه … “. فكانت تلك الكلمات نبراساً يهتدي به كل من كان جاداً بمكافحة الفساد.
إن جلالة الملك، ومن خلال موقعه كرئيس لسلطات الحكومة، لايملك الوقت الكافي لمتابعة ما يجري في مؤسسات الحكومة. ولا يعقل أن يتدخل أو أن يتابع ما يجري فيها إلا في أضيق نطاق، وفي ظروف استثنائية. فمسؤولية اتخاذ القرارات ومتابعتها هما من شأن أولئك الذي أقسموا يميناً غموساً ” … بالله العظيم أن يحافظوا على الدستور وأن يخلصوا للملك وأن يحترموا القوانين والأنظمة وأن يقوموا بالمهام الموكلة إليهم بصدق وأمانة … “. فماذا ينتظر هؤلاء المسؤولون بعد قول الملك واليمين الذي أقسموه؟
إن قسمَ المحافظة على الدستور والاخلاص للملك واحترام القوانين والأنظمة والقيام بالمهام الموكلة للشخص بصدق وأمانة يتطلب في حده الأدنى أن لا يُستثنى أحدٌ، مهما كان، من المسائلة القانونية عن أفعاله، وتبعات أفعاله على الدولة والمجتمع.
أقول ذلك لأنني أعرف يقيناً أن هناك العشرات ممن ارتكبوا جرائم بحق الدولة والمجتمع، ونهبوا أموالاً وأثروا بطرق غير مشروعة، لكنهم ما زالوا طليقين أحرار تحت حجج متعددة، منها أنهم وزراء سابقون، أو أن هناك مؤسسات دولية شهدت لبعضهم بأن ما قاموا به كان ناجحاً، رغم فشله. فليس من المعقول أن نركن إلى شهادات مجروحة أصلاً.” … فمن يشهد للعروس إلا أمها وخالتها وعشرة من بنات حارتها ؟… “. ولا أفهم من التلكؤ في ملاحقة الفاسدين الذين يوهمون الناس أنهم فوق القانون إلا عجز المسؤولين في مؤسسات الرقابة ومكافحة الجريمة والفساد عن أداء واجباتهم المناطة بهم وحنثهم باليمين الذي أقسموه أما جلالة الملك. ” وإذا فسدَ الملحُ فبماذا يُملح ؟”
وبناء على كل ما تقدم، وانطلاقاً من حبي لوطني أولاً وأخيراً، وكرهي المعلن لاصحاب المدرسة الكلبية الذين أهلكوا الحرث والنسل، أو تقاعسوا وغضوا الطرف عما يفعله المفسدون، وعدم جديتهم بمحاربة الفساد والمفسدين، فإنني أتوجه إلى جلالة الملك حفظه الله بقلب مخلص لأدعوه إلى إعلان ثورة بيضاء هدفها الحفاظ على الوطن من الهلاك المحتوم، وذلك من خلال استئصال جذور الفساد الممثلة بمن ورطوا الوطن بالديون والمشاريع الوهمية ونهبهم المال العام وإشاعة الفتنة بين أبناء الوطن.